فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما كان ربما ظن ظان أنه لا يخص به إلا لأنه لا يسع جميع الناس دفع ذلك بقوله: {والله} أي الذي أحاط بجميع صفات الكمال {ذو الفضل العظيم} أي مالكه ملكًا لا ينفك عنه ولا ملك لأحد فيه معه ولا تصرف بوجه أصلًا، فلذلك يخص من يشاء بما يشاء، فلا يقدر أحد على اعتراض بوجه، فقد نزه له التنزيه الأعظم جميع ما في السماوات والأرض فهو العزيز الحكيم الذي لا عزيز غيره ولا حكيم سواه، فقد انطبق كما ترى آخرها على أولها، ورجع مفصلها على موصلها- والله الهادي للصواب وإليه المرجع والمآب. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ}.
اعلم أنه لما قال في الآية الأولى: {فآتينا الذين آمنوا منهم} أي من قوم عيسى: {أَجْرَهُمْ} [الحديد: 27] قال في هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا} والمراد به أولئك فأمرهم أن يتقوا الله ويؤمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام ثم قال: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ} أي نصيبين من رحمته لإيمانكم أولًا بعيسى، وثانيًا بمحمد عليه الصلاة والسلام، ونظيره قوله تعالى: {أولئك يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ} [القصص: 54] عن ابن عباس أنه نزل في قوم جاءوا من اليمن من أهل الكتاب إلى الرسول وأسلموا فجعل الله لهم أجرين، وهاهنا سؤالان:
السؤال الأول: ما الكفل في اللغة؟ الجواب: قال المؤرج: الكفل النصيب بلغة هذيل وقال غيره بل هذه لغة الحبشة، وقال المفضل ابن مسلمة: الكفل كساء يديره الراكب حول السنام حتى يتمكن من القعود على البعير.
السؤال الثاني: أنه تعالى لما آتاهم كفلين وأعطى المؤمنين كفلًا واحدًا كان حالهم أعظم والجواب: روي أن أهل الكتاب افتخروا بهذا السبب على المسلمين، وهو ضعيف لأنه لا يبعد أن يكون النصيب الواحد أزيد قدرًا من النصيبين، فإن المال إذا قسم بنصفين كان الكفل الواحد نصفًا، وإذا قسم بمائة قسم كان الكفل الواحد جزء من مائة جزء، فالنصيب الواحد من القسمة الأولى أزيد من عشرين نصيبًا من القسمة الثانية، فكذا ههنا، ثم قال تعالى: {وَيَجْعَل لَّكُمْ} أي يوم القيامة {نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} وهو النور المذكور في قوله: {يسعى نُورُهُم} [الحديد: 12] {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} ما أسلفتم من المعاصي {والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)} فيه مسألتان:
المسألة الأولى:
قال الواحدي هذه آية مشكلة وليس للمفسرين فيها كلام واضح في كيفية اتصال هذه الآية بما قبلها.
واعلم أن أكثر المفسرين على أن (لا) هاهنا صلة زائدة، والتقدير: ليعلم أهل الكتاب، وقال أبو مسلم الأصفهاني وجمع آخرون: هذه الكلمة ليست بزائدة، ونحن نفسر الآية على القولين بعون الله تعالى وتوفيقه.
أما القول المشهور: وهو أن هذه اللفظة زائدة، فاعلم أنه لابد هاهنا من تقديم مقدمة وهي: أن أهل الكتاب وهم بنو إسرائيل كانوا يقولون: الوحي والرسالة فينا، والكتاب والشرع ليس إلا لنا، والله تعالى خصنا بهذه الفضيلة العظيمة من بين جميع العالمين، إذا عرفت هذا فنقول: إنه تعالى لما أمر أهل الكتاب بالإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام وعدهم بالأجر العظيم على ذلك الإيمان أتبعه بهذه الآية، والغرض منها أن يزيل عن قلبهم اعتقادهم بأن النبوة مختصة بهم وغير حاصلة إلا في قومهم، فقال: إنما بالغنا في هذا البيان، وأطنبنا في الوعد والوعيد ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على تخصيص فضل الله بقوم معينين، ولا يمكنهم حصر الرسالة والنبوة في قوم مخصوصين، وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ولا اعتراض عليه في ذلك أصلًا أما القول الثاني: وهو أن لفظة (لا) غير زائدة، فاعلم أن الضمير في قوله: {أَلاَّ يَقْدِرُونَ} عائد إلى الرسول وأصحابه، والتقدير: لئلا يعلم أهل الكتاب أن النبي والمؤمنين لا يقدرون على شيء من فضل الله، وأنهم إذا لم يعلموا أنهم لا يقدرون عليه فقد علموا أنهم يقدرون عليه، ثم قال: {وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله} أي وليعلموا أن الفضل بيد الله، فيصير التقدير: إنا فعلنا كذا وكذا لئلا يعتقد أهل الكتاب أنهم يقدرون على حصر فضل الله وإحسانه في أقوام معينين، وليعتقدوا أن الفضل بيد الله، واعلم أن هذا القول ليس فيه إلا أنا أضمرنا فيه زيادة، فقلنا في قوله: {وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله} تقدير وليعتقدوا أن الفضل بيد الله وأما القول الأول: فقد افتقرنا فيه إلى حذف شيء موجد، ومن المعلوم أن الإضمار أولى من الحذف، لأن الكلام إذا افتقر إلى الإضمار لم يوهم ظاهره باطلًا أصلًا، أماإذا افتقر إلى الحذف كان ظاهره موهمًا للباطل، فعلمنا أن هذا القول أولى، والله أعلم.
المسألة الثانية:
قال صاحب الكشاف قرىء: (لكي يعلم)، و(لكيلا يعلم)، و(ليعلم)، و(لأن يعلم)، بأدغام النون في الياء، وحكى ابن جني في (المحتسب) عن قطرب: أنه روي عن الحسن: (ليلا)، بكسر اللام وسكون الياء، وحكى ابن مجاهد عنه ليلًا بفتح اللام وجزم الياء من غير همز، قال ابن جني: وما ذكر قطرب أقرب، وذلك لأن الهمزة إذا حذفت بقي للا فيجب إدغام النون في اللام فيصير للا فتجتمع اللامات فتجعل الوسطى لسكونها وانكسار ما قبلها ياء فيصير ليلًا، وأما رواية ابن مجاهد عنه، فالوجه فيه أن لام الجر إذا أضفته إلى المضمر فتحته تقول له: فمنهم من قاس المظهر عليه، حكى أبو عبيدة أن بعضهم قرأ:
{وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجبال} [إبراهيم: 46].
وأما قوله تعالى: {وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله} أي في ملكه وتصرفه واليد مثل {يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء} لأنه قارد مختار يفعل بحسب الاختيار {والله ذُو الفضل العظيم} والعظيم لابد وأن يكون إحسانه عظيمًا، والمراد تعظيم حال محمد صلى الله عليه وسلم في نبوته وشرعه وكتابه، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. اهـ.

.قال ابن عطية:

وقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله}.
اختلف الناس في المخاطب بهذا، فقالت فرقة من المتأولين خوطب بهذا أهل الكتاب، فالمعنى: يا أيها الذين آمنوا بعيسى اتقوا الله وآمنوا بمحمد، ويؤيد هذا المعنى الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:
«ثلاثة يؤتيهم الله أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي»، الحديث وقال آخرون المخاطبة للمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قيل لهم {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله}، أي اثبتوا على ذلك ودوموا عليه، وهذا هو معنى الأمر أبدًا لمن هو متلبس بما يؤمر به.
وقوله: {كفلين} أي نصيبين بالإضافة إلى ما كان الأمم قبل يعطونه، قال أبو موسى الأشعري: {كفلين} ضعفين بلسان الحبشة، وروي أن عمر بن الخطاب قال لبعض الأحبار: كم كان التضعيف للحسنات فيكم؟ فقال ثلاثمائة وخمسون، فقال عمر: الحمد لله الذي ضاعف لنا إلى سبعمائة، ويؤيد هذا المعنى الحديث الصحيح الذي يقتضي أن اليهود عملت إلى نصف النهار على قيراط، والنصارى من الظهر إلى العصر على قيراط، وهذه الأمة من العصر إلى الليل على قيراطين، فلما احتجت اليهود والنصارى على ذلك وقالوا نحن أكثر عملًا وأقل أجرًا، قال الله تعالى: هل نقصتم من أجركم شيئًا، قالوا: لا، قال: فإنه فضلي أوتيه من أشاء. والكفل: الحظ والنصيب. والنور: هنا إما أن يكون وعدًا بالنور الذي يسعى بين الأيدي يوم القيامة، وإما أن يكون استعارة للهدى الذي يمشي به في طاعة الله.
{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}.
روي أنه لما نزل هذا الوعد للمؤمنين حسد أهل الكتاب على ذلك، وكانت اليهود تعظم دينها وأنفسها وتزعم أنها أحباء الله وأهل رضوانه، فنزلت هذه الآية معلمة أن الله تعالى فعل ذلك وأعلم به ليعلم أهل الكتاب أنهم ليسوا كما يزعمون، و(لا) في قوله: {لئلا} زائدة كما هي في قوله تعالى: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} [الأنبياء: 95] على بعض التأويلات.
وقرأ ابن عباس {ليعلم أهل الكتاب}، وروى إبراهيم التيمي عن ابن عباس: {كي يعلم}، وروي عن ابن عباس: {لكي لا يعلم}. وروي عن حطان الرقاشي أنه قرأ: {لأي يعلم}. وقرأ ابن مسعود وابن جبير وعكرمة: {لكي يعلم أهل الكتاب}، وقرأ الحسن فيما روى ابن مجاهد: {لَيْلا يعلم} بفتح اللام وسكون الياء. فأما فتح اللام فلغة في لام الجر مشهورة وأصل هذه القراءة: لأن لا، استغني عن الهمزة بلام الجر فحذفت فجاء: لأن لا، أدغمت النون في اللام للتشابه فجاء (للا)، اجتمعت أمثلة فقلبت اللام الواحدة ياء. وقرأ الحسن فيما روى قطرب: {لِيْلا} بكسر اللام وسكون الياء وتعليلها كالتي تقدم.
وقوله تعالى: {ألا يقدرون} معناه: أنهم لا يملكون فضل الله ويدخل تحت قدرهم، وقرأ ابن مسعود: {ألا يقدروا} بغير نون، وباقي الآية بين. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمَنُواْ} أي آمنوا بموسى وعيسى {اتقوا الله وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ} بمحمد صلى الله عليه وسلم {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ} أي مثلين من الأجر على إيمانكم بعيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم، وهذا مثل قوله تعالى: {أولئك يُؤْتَونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ} [القصص: 54] وقد تقدم القول فيه.
والكِفل الحظ والنصيب وقد مضى في (النساء) وهو في الأصل كِساء يكتفل به الراكب فيحفظه من السقوط؛ قاله ابن جريج.
ونحوه قال الأزهري، قال: اشتقاقه من الكِساء الذي يحويه راكب البعير على سنامه إذا ارتدفه لئلا يسقط؛ فتأويله يؤتكم نصيبين يحفظانكم من هلكة المعاصي كما يحفظ الكِفل الراكب.
وقال أبو موسى الأشعري: {كِفْلَيْنِ} ضعفين بلسان الحبشة.
وعن ابن زيد: {كِفْلَيْن} أجر الدنيا والآخرة.
وقيل: لما نزلت {أولئك يُؤْتَونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ} افتخر مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية.
وقد استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن الحسنة إنما لها من الأجر مِثْل واحد؛ فقال: الحسنة اسم عام ينطلق على كل نوع من الإيمان، وينطلق على عمومه، فإذا انطلقت الحسنة على نوع واحد فليس له عليها من الثواب إلا مِثْل واحد.
وإن انطلقت على حسنة تشتمل على نوعين كان الثواب عليها مثلين؛ بدليل هذه الآية فإنه قال: {كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ} والكفل النصيب كالمثل، فجعل لمن اتقى الله وآمن برسوله نصيبين؛ نصيبًا لتقوى الله ونصيبًا لإيمانه برسوله.
فدل على أن الحسنة التي جعل لها عشر هي التي جمعت عشرة أنواع من الحسنات، وهو الإيمان الذي جمع الله تعالى في صفته عشرة أنواع، لقوله تعالى: {إِنَّ المسلمين والمسلمات} [الأحزاب: 35] الآية بكمالها.
فكانت هذه الأنواع العشرة التي هي ثوابها أمثالها فيكون لكل نوع منها مِثْل.
وهذا تأويل فاسد، لخروجه عن عموم الظاهر، في قوله تعالى: {مَن جَاءَ بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} بما لا يحتمله تخصيص العموم، لأن ما جمع عشر حسنات فليس يُجزَى عن كل حسنة إلا بمثلها.
وبطل أن يكون جزاء الحسنة عشر أمثالها والأخبار دالة عليه.
وقد تقدم ذكرها.
ولو كان كما ذكر لما كان بين الحسنة والسيئة فرق.
{وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا} أي بيانًا وهدًى، عن مجاهد.
وقال ابن عباس: هو القرآن.
وقيل: ضياء {تَمْشُونَ بِهِ} في الآخرة على الصراط، وفي القيامة إلى الجنة.
وقيل تمشون به في الناس تدعونهم إلى الإسلام فتكونون رؤساء في دين الإسلام لا تزول عنكم رياسة كنتم فيها.
وذلك أنهم خافوا أن تزول رياستهم لو آمنوا بمحمد عليه السلام.
وإنما كان يفوتهم أخذ رشوة يسيرة من الضعفة بتحريف أحكام الله، لا الرياسة الحقيقية في الدين.
{وَيَغْفِرْ لَكُمْ} ذنوبكم {والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
قوله تعالى: {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب} أي ليعلم، و(أن لا) صلة زائدة مؤكدة؛ قاله الأخفش.
وقال الفراء: معناه لأن يعلم و(لا) صلة زائدة في كل كلام دخل عليه جَحْد.
قال قتادة: حسد أهل الكتاب المسلمين فنزلت: {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب} أي لأن يعلم أهل الكتاب أنهم {أَلاَّ يَقْدِرُونَ على شَيْءٍ مِّن فَضْلِ الله وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله}.
وقال مجاهد: قالت اليهود يوشك أن يخرج منا نبيّ يقطع الأيدي والأرجل.
فلما خرج من العرب كفروا فنزلت: {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ} أي ليعلم أهل الكتاب {أَنْ لاَ يَقْدِرُونَ} أي أنهم لا يقدرون؛ كقوله تعالى: {أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قولا} [طه: 89].
وعن الحسن: {لَيْلاَ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} وروي ذلك عن ابن مجاهد.
وروى قُطْرُب بكسر اللام وإسكان الياء.
وفتح لام الجر لغة معروفة.
ووجه إسكان الياء أنّ همزة (أن) حذفت فصارت (لَنْ) فأدغمت النون في اللام فصار (لِلاَّ) فلما اجتمعت اللامات أبدلت الوسطى منها ياء؛ كما قالوا في أَمّا: أَيْمَا.
وكذلك القول في قراءة من قرأ {لِيْلاَ} بكسر اللام إلا أنه أبقى اللام على اللغة المشهورة فيها فهو أقوى من هذه الجهة.
وعن ابن مسعود {لِكَيْلاَ يَعْلَمَ} وعن حِطّان بن عبد الله {لأَنْ يَعْلَمَ}.
وعن عِكرمة {لِيَعْلَمَ} وهو خلاف المرسوم.
{مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} قيل: الإسلام.
وقيل: الثواب.
وقال الكلبي: من رزق الله.
وقيل: نعم الله التي لا تحصى.
{وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله} ليس بأيديهم فيصرفون النبوّة عن محمد صلى الله عليه وسلم إلى من يحبون.
وقيل: {وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله} أي هو له {يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ}.
وفي البخاري: حدثنا الحكم بن نافع، قال حدثنا شعيب عن الزهري، قال أخبرني سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو قائم على المنبر: «إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس أعطى أهل التوراة التوراة فعملوا بها حتى انتصف النهار ثم عجزوا فأعطوا قيراطًا قيراطًا ثم أعطى أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به حتى صلاة العصر ثم عجزوا فأعطوا قيراطًا قيراطًا ثم أعطيتم القرآن فعملتم به حتى الشمس فأعطيتم قيراطين قيراطين قال أهل التوراة ربنا هؤلاءِ أقل عملًا وأكثر أجرًا قال: هل ظلمتكم من أجركم من شيء قالوا لا فقال فذلك فضلي أوتيه من أشاء» في رواية: «فغضبت اليهود والنصارى وقالوا ربنا» الحديث {والله ذُو الفضل العظيم}.